المراكب التقليدية مصدر إلهام تصميم ملعب الوكرةتحفة معمارية تجمع بين الأصالة والحداثة
2025-10-18 04:37:39
تمثل المراكب التقليدية التي استخدمها الصيادون والغواصون القطريون عبر التاريخ رمزاً للصمود والترابط الاجتماعي، حيث كانت تنقلهم إلى عرض البحر بحثاً عن الرزق عبر الصيد واستخراج اللؤلؤ. هذه المراكب لم تكن مجرد وسيلة نقل تقليدية، بل كانت تمثل قيماً اجتماعية واقتصادية عميقة الجذور في المجتمع القطري. وقد استلهم مصممو ملعب الوكرة لكرة القدم من هذه المراكب التقليدية وأشرعتها الممتدة في البحر، ليكون الملعب تحفة معمارية فريدة تجمع بين الأصالة والحداثة.
يتميز ملعب الوكرة بتصميمه المستوحى من الخطوط الرقيقة والمنحنيات السلسة للمراكب الشراعية التقليدية، حيث يمثل السقف الممتد أشبه بالأشرعة المنتفشة بالرياح. هذا التصميم لا يعكس فقط الجماليات المعمارية، بل يروي قصة تراثية عريقة تظهر براعة الحرفيين القطريين قديماً في بناء السفن واستغلال البحر مصدراً للرزق.
بُني الملعب على مساحة شاسعة تبلغ 600 ألف متر مربع، تشمل 90 ألف متر مربع من المساحات الخضراء و700 شجرة، مما يجعله واحة خضراء في قلب المدينة. وقد صمم الملعب وفق أعلى المعايير الدولية، حيث يعد الأول في قطر الذي يتم تشييده منذ البداية وفق متطلبات الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، مما يجعله مؤهلاً لاستضافة أهم البطولات المحلية والإقليمية والدولية.
يقع الملعب في مدينة الوكرة التاريخية، التي تبعد 15 كيلومتراً جنوب العاصمة الدوحة، والتي تعتبر واحدة من أقدم الموانئ التجارية الاستراتيجية في قطر وكانت تمثل بوابة رئيسية للعاصمة براً وبحراً. هذا الموقع الاستراتيجي يعكس الأهمية التاريخية والثقافية للمدينة، ويجعل من الملعب معلماً بارزاً يربط بين ماضي قطر العريق وحاضرها المشرق.
يؤكد المهندس ثاني الزراع، مدير مشروع ملعب الوكرة في اللجنة العليا للمشاريع والإرث، أن التصميم المعماري للملعب يجسد مختلف فنون العمارة العربية الأصيلة، من خلال دمج العناصر التراثية في التصميم الحديث. فالإضاءة والألوان والأشكال الهندسية المستخدمة جميعها تعكس الهوية العربية الأصيلة مع مراعاة المعايير العالمية في بناء الملاعب الرياضية.
سيستضيف الملعب المباراة النهائية لمسابقة كأس أمير قطر لكرة القدم في السادس عشر من الشهر الجاري، حيث يضع العمال اللمسات الأخيرة استعداداً لهذه المناسبة الرياضية الكبيرة. ويعد هذا الملعب واحداً من أكثر المشاريع الرياضية تطوراً في قطر، حيث يمتاز بتقنيات متطابقة صديقة للبيئة وتصميم داخلي يوفر تجربة مريحة وممتعة للجمهور واللاعبين على حد سواء.
بهذا يكون ملعب الوكرة قد نجح في الجمع بين الأصالة والحداثة، بين التراث الثقافي الغني والتقنيات المعاصرة، ليكون ليس مجرد منشأة رياضية، ولكن تحفة معمارية تروي قصة شعب وتراث وأمة تفتخر بماضيها وتنطلق نحو مستقبل مشرق.